top of page

 

تنص الوصية إذن على خطة دقيقة للعمل، ما على الموحدين إلا تطبيقها بروية وتفكير وحسن نظر...والأكثر إثارة للاهتمام، أن يصف الخليفة الموحدي العدوة، باليتيمة، ومسلميها بالأيتام، فبعد التوصية بتقوى الله، يقول: "أوصيكم بالأيتام واليتيمة"، ويسأله الشيخ عبد الواحد بن أبي حفص: " وما الأيتام؟ وما اليتيمة؟، فيقول الخليفة: الأيتام أهل جزيرة الأندلس، والأندلس هي اليتيمة"(30) .

تتميز هذه الوصية، بالإضافة إلى بلاغتها وجمال أسلوبها، بالروح الإسلامية في وضوحها وتوجهها إلى تحرير المسلم وأرضه، أينما كان، وكيفما كان، فنجد الخليفة الموحدي يصرف اهتمامه إلى أرض اغتصبت، وإلى شعب استضعف أمره، ولا يشير إلى المغرب والمغاربة، تأكيدا لأواصر وعلائق تربط العدوتين ببعضهما منذ أن أصبحت الأندلس خاضعة لسلطة المغرب في فترات سابقة، وأصبحت مسؤولية رعايتها في أعناق المغاربة وحكامهم...

باب التوقيعات:

وهو الباب الأربعون في توقيعات الملوك وهو آخر أبواب كتاب "رونق التحبير"، ويتضمن اثنين وثلاثين توقيعا لملوك وأمراء وحكام وخلفاء، من الفرس والعرب والخلفاء الراشدين وملوك بني أمية وبني العباس، وأمراء بني أمية بالأندلس، ولم يهتم المؤلف في تدوين التوقيعات أو روايتها بترتيبها، عدا توقيعات الأندلسيين، فهي آخرها، وقد بلغ عددها اثني عشر توقيعا، ختمها بامتداح الملوك النصريين، والإشادة بتوقيعاتهم، فهو يقول: "وأما موالينا الملوك، أولى النسبة الكريمة النصرية، الذين شرف الله أقدارهم في البرية، فمناقبهم كثيرة، وتوقيعاتهم شهيرة، ومقاماتهم سامية وخطيرة"(31) .

ويعتذر ابن سماك عن اقتصاره على إيراد بعض التوقيعات، على الرغم من وفرتها، إلا أن الغاية من الكتاب الاختصار، ليس غير، فإن فعل غيره، خرج عن المقصود: "إن تتبع القول فيما هو منها موجود، فيخرج من الاختصار عن الغرض المقصود"(32) .

و"التوقيع" كما يعرفه الأستاذ ناجي معروف: "ما كان يكتبه الخليفة أو الملك أو الأمير أو السلطان أو الوزير تعليقا على كتاب أو رقعة أو ملتمس بتوقيعه بجملة أو عدة جمل قصيرة هي جواب الكتاب أو الرقعة يذيلونها باسمهم على صورة توقيع أي إمضاء"(33) .

أما بن فضل الله العمري (700هـ - 749هـ)، فيرى أن "التوقيع هي لعامة أرباب الوظائف، جليها وحقيرها، كبيرها وصغيرها... وعنوانها توقيع شريف لفلان بكذا... وقد تستفتح ب (الحمد لله) أو (أما بعد) أو (من حسنت طرائقه، وحمدت خلائقه)، أو ما هذا معناه... إلى غير ذلك..."(34) .

وتبدو أهمية التوقيع الصادر عن الخليفة أو الملك، باعتباره رأيا جازما في قضية أو موضوع استفتي فيه، أو في شكوى رفعت إليه أو ظُلامة وضعت بين يديه خاصة في المسائل السياسية أو القضائية بالحسم في الموضوع دون نقاش، من ذلك ما جاء في التوقيع الثالث: "وقع الخليفة عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل في كتاب كتب إليه بعض عماله، يسأله تولية عمل رفيع لم يكن من شاكلته: من لم يصب وجه مطلبه، كان الحرمان أولى به"(35) ، فالجواب مختصر مفيد، أصدر من خلاله - الخليفة - رأيا في الطلب، بل حكما قاطعا لا رجعة فيه.ومن أبلغ ما كتب في التوقيع باختصار شديد، ما وقع به الخليفة عبد الرحمان الناصر، وهو التوقيع الرابع: "كتابا عثر عليه بقرطبة، دسه إلى حضرته أمير أفريقية معدُّ بن إسماعيل الشيعي العبيدي، إذ كانت بينهما منافرة وعداوة، أفحش فيه السب، وأكثر من البهتان، فلما رفع إليه وقع عليه: يا هذا، عرفْتنَا فسببْتنا، وجهلناك نحن، فأمسكنا عنك"(36) ، لم يزده على هذا كلمة، ويضيف ابن سماك قائلا: "فكان ذلك أبلغ ما كتب في معناه، وفيه إشارة إلى أنه مدع في نسبه، وأنه مجهول غير معروف، ومن لا يعرف لا تعرف مناقبه ولا مثالبه"(37) .فابن سماك لا يكتفي بإيراد التوقيع، وإنما يذيله بتعليق ضاف يشرح فيه معنى التوقيع بوضوح تام، كما جاء في التذليل السابق.ولعل الخليفة في توقيعه تأثر بالشاعر البطليوسي في قوله:

عـرفـت مـكانـتــي فسبـبـت عـرضـــي //ولــو أني عرفتكم سببت

ولكن لم أجــــــد لكــم سمـــــوا //إلــى أَكْرُومـــةٍ فلــذا ســــكت(38)

وجاء في التوقيع الأندلسي الأول: "كتب عن الخليفة عبد الرحمن الداخل أحد كتابه إلى بعض عماله كتابا يستقصره عما فرط فيه من عمله، فأكثر في الكتاب وأطال، فلما لاحظه الخليفة عبد الرحمان أمر بتمزيقه، ثم وقع بخطه: "أما بعد، فإن يكن التقصير لك مقدما، فقد ينبغي الاكتفاء أن يكون لك مؤخرا، والسلام"(39) .

وهكذا، فإشارة أبلغ من عبارة، تخمل حكما لا رجعة فيه...ويرى الأستاذ لغزيوي: "أن التوقيعات تمثل جانبا من جوانب بلاغة الحكام في مجال النثر، وهي تذييل يكتب أسفل الرسائل الواردة إلى ديوان الدولة أو على ظهرها، وتعتبر ردا من الحاكم وتعقيبا يمليه على كاتبه أو يخطه بيده، ومن ثم، فهو من إنشاء الحاكم نفسه... وتتميز التوقيعات غالبا بالإيجاز الشديد الموفى المقصود"(40) .

والتوقيع بالإضافة إلى ذلك يعتبر موقفا رسميا من مسؤول في الدولة كما سبق، وقد يكون موقفا من ثائر، فيقدم لنا التوقيع صورة عن شخصية الحاكم في فورة الغضب، ورباطة جأشه في اتخاذ القرار وحسن التصرف.

من ذلك التوقيع الثاني في رونق التحبير، يقول لبن سماك: "ثار على الخليفة عبد الرحمن بن معاوية ثائر ببعض بلاد الأندلس، فغزاه فظفر به، فبينما هم منصرف به، وقد حمل الثائر على بغل مكبولا: نظر إليه الخليفة عبد الرحمن وتحته فرس له، فقال: يا بغل، ماذا تحمل من الشقاق والنفاق؟ قال الثائر: يا فرس، ماذا تحمل من العفو والرحمة؟ فقال له الخليفة: والله لا ذقت موتا على يدي أبدا، وسرحه"(41) ... مثل هذا التوقيع سياسي بالدرجة الأولى، أبدى فيه الأمير حنكة سياسية كبيرة، وقدرة متميزة على اتخاذ القرار الحاسم في وقت قصير...ومن التوقيعات الطريفة ما رواه ابن سماك: "التوقيع السابع: وقع ذو الرئاستين عبد العزيز بن الناصر عبد الرحمن بن المنصور بن محمد بن أبي عامر في كتاب ورد عليه من قبل الأمير مجاهد العامري دانية ومولى جده، قال فيه:سبت نزار عبيدهـــــا فعذرتهـــــا شيـــم العبيـد مسبة الأحرار"(42) لقد اكتفى صاحب التوقيع ببت شعري يلخص رأيه وجوابه عن كتاب ورد في سب وشتم، إذ من شيم الأحرار السكوت عن هؤلاء، تمثلا بقول الشاعر:

إذا نطـــــق السفيـــه فلا تجبـــــــه// فأبلـــغ من إجابتـــه السكوت(43)

وبمقارنة هذه التوقيعات بما ورد في كتابه الزهرات المنثورة نجد ابن سماك ينقل ستة توقيعات أندلسية من الزهرات، وكأنه اختارها ليضمنها إلى مختاراته فيرونق التحبير، ذلك أن تأليف الزهرات كان أسبق في الزمن "إذ ألفه لأمير المسلمين الغني بالله، المنصور بعون الله أبي عبد الله"، كما جاء في مقدمة الكتاب، في حين أن رونق التحبير، أهدي إلى حفيد الغني بالله السلطان محمد المستعين، والتوقيعات الواردة في كلا الكتابين هي

- التوقيع الثاني: ورد في الزهرة الثالثة والأربعين(44)

- التوقيع الرابع: ورد في الزهرة الخامسة والتسعين(45)

- التوقيع الخامس: ورد في الزهرة الخامسة والتسعين(46)

- التوقيع السادس: ورد في الزهرة الخامسة والتسعين(47)

- التوقيع السابع: ورد في الزهرة الخامسة والتسعين(48)

- التوقيع الثامن: ورد في الزهرة الخامسة والتسعين(49) .

 إن أهم ما يمكن استنتاجه من بابي الوصايا والتوقيعات في كتاب "رونق التحبير" الذي ما يزال مخطوطا:أولا: التوصل إلى نصوص توقيعات جديدة لم ترد في كتابي ابن سماك السابقين: الزهرات المنثورة والحلل الموشية، وهي خمسة:- توقيع الخليفة عبد الرحمن بن الحكم بن هشام

- توقيع أبي عبد الله الغالب بالله محمد بن يوسف.- توقيع أبي الجيوش نصر بن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن نصر.- توقيع أبي عبد الله محمد بن مولانا أمير أمير المسلمين الغالب بالله ابن عبد الله محمد بن نصر.

- توقيع أبي عبد الله الغني بالله بن يوسف بن يوسف.

ثانيا: التأكد من نسبة كتاب "الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية" إلى ابن سماك لا إلى غيره: أسلوبه، مروياته التي تفرد بها، خاصة وصية الخليفة الموحدي "بالأيتام واليتيمة"(50) .

ثالثا: الإطلاع على صورة من الكتابة السياسية عند ابن سماك، أحد كتاب ديوان الإنشاء في عهد السلطانين الغني بالله والمستعين بالله، وفيها يبدي المؤلف آراءه منتقدا ومنبها وناصحا من خلال نقول وأخبار ومرويات تداولتها العامة والخاصة، ووفق ابن سماك في توظيفها للاستفادة منها في سياسة الدولة على المستويين الشعبي والرسمي.

رابعا: إفادتنا بصفة تقريبية بتاريخ وفاة ابن سماك بين 812هـ و820هـ، ذلك، أن الكتاب أهدي إلى الخليفة المستعين بالله حفيد الغني بالله، وكان المعروف قبل الإطلاع على كتاب "رونق التحبير" كما نبه إلى ذلك أستاذنا محمود علي مكي في مقدمة تحقيق الزهرات المنثورة أن تاريخ وفاة ابن سماك غامض، يقول: "أما سنة وفاته، فلم يتبين لنا شيء حولها"(51) ، إضافة إلى أن ديوان مظهر النور الباصر لابن فركون، الذي حققه أستاذنا محمد بن شريفة، يفيد أن ابن سماك مدح الملك يوسف الثالث شقيق المستعين بالله بقصيدتين اثنتين، دالية ولامية(52) .

وأخيرا، فإن كتاب "رونق التحبير" من المؤلفات المتميزة في التراث الأندلسي السياسي، يحلل ويناقش الأوضاع السياسية والظروف الاجتماعية، هادفا إلى النصح والتوجيه، مستفيدا من سياسات سابقة في المشرق والمغرب والأندلس، دون أن يخل بما يقتضيه المقام من الآداب في مخاطبة ذوي الشأن والسلطان.

 

 المصادر والمراجع

- مخطوط رونق التحبير في حكم السياسة والتدبير، لابن سماك 1182د - 1121ك، خ ع الخزانة العامة، قسم الوثائق والمخطوطات، الرباط، والمخطوط المعتمد هو 1121ك

- "الزهرات المنثورة في نكت الأخبار المأثورة"، لابن سماك تقديم وتحقيق محمود علي مكي، مجلة المعهد المصري، المجلدان، 20، 21.

- أدب السياسة والحرب في الأندلس، علي لغزيوي، مكتبة المعارف، الرباط، 1987.

- التوقيعات التدريسية، تأليف، ناجي معروف، 1963، بغداد.

- الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، لابن سماك العاملي، تحقيق عبد القادر زمامة، وسهيل زكار، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء 1979

- المخطوط العربي وعلم المخطوطات، منشورات كلية الآداب، الرباط، 1994.

- مجلة كلية الآداب بني ملال، عدد 1، 1994.- المصادر العربية لتاريخ المغرب، محمد المنوني، ج 1.

- مجالس الانبساط بشرح تراجم علماء وصلحاء الرباط لمحمد بن علي دينية، ط 1986.

- مظهر النور الباصر، لابن فركون، إعداد محمد ابن شريفة، 1991. 

 

الحواشي :

(1) تحقيق إحسان عباس، ط. 1963، رقم الترجمةة 100، صص. 299-301.

(2) ابن سماك العاملي، "الزهرات المنثورة"، تقديم وتحقيق محمود علي مكي، مجلة المعهد المصري، المجلد 20، ص. 20.

(3) "الزهرات المنثورة ..."، مجلة المعهد المصري، المجلد 20، ص. 18.

(4) تحقيق عبد القادر زمامة وسهيل زكار، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1979.

(5) تحقيق وتقديم الدكتور محمود علي مكي، ونشره تباعا في مجلة المعهد المصري، العدد 20، 21.

(6) هو موضوع هذا العرض، وما يزال مخطوطا

.(7) ابن فركون، مظهر النور الباصر، إعداد محمد بن شريفة 1991، تحقيق محمد بن شريفة، صص. 27، 94.

(8) ص. 300.

(9) ص. 9.

(10) الورقة 10 من المخطوط

(11) مجلة المعهد المصري، المجلد 20، ص. 26.

(12) انظرها في نفح الطيب، ج 6، صص. 431 - 445.

(13) كان معاصرا لابن سماك، ولا تعرف سنة وفاته

(14) مجلة المعهد المصري، المجلد 20، ص. 26.

(15) العقد الفريد، ج 4، ص. 179.

(16) مقدمة المخطوط

(17) انعقدت الندوة بكلية الآداب بالرباط في فبراير 1992. ونشرت أعمالها ضمن منشورات الكليةالمذكورة سنة 1994، ص. 75.

(18) مجلة كلية آداب بني ملال، عدد 1، 1994، ص. 25.

(19) أجدب السياسة والحرب في الأندلس، ص. 434.

(20) مجلة المعهد المصري، المجلد 21، ص. 66.

(21) ط 4، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة 1969، ص. 248.

(22) مجلة العهد المصري، المجلد 21، هـ 2، ص. 66.

(23) ص. 435.

(24) أدب السياسة والحرب في الأندلس، ص. 438.

(25)(26) تحقيق إحسان عباس، م4، ق1، صص. 76-78

(27) الورقة 77 من المخطوط

(28) الورقة 77 من المخطوط

(29) الورقة 77 من المخطوط

(30) الورقة 78 من المخطوط

(31) الورقة 48 ظ من المخطوط رقم 1182 د

(32) الورقة 48 ظ من المخطوط رقم 1182 د

(33) التوقيعات التدريسية، صص. 5-6.

(34) التعريف بالمصطلح الشريف، ت محمد حسين شمس الدين، بيروت ط1، 1988، صص. 120، 123 .

(35) الورقة 79،80 من المخطوط

(36) الورقة 80 من المخطوط

(37) الورقة 80 من المخطوط

(38) الديوان، تحقيق إحسان عباس. البيتان من البحر، ص

(39) الورقة 79 من المخطوط

(40) أدب السياسة والحرب في الأندلس، ص. 462

(41) الورقة 79 من المخطوط

(42) الورقة 80 من المخطوط

(43) الفرزدق

(44) مجلة المعهد المصري، المجلد 21، ص. 11.

(45) المصدر نفسه، المجلد 21، ص. 69.

(46) المصدر نفسه، المجلد 21، ص. 71.

(47) المصدر نفسه، المجلد 21، ص. 64.

(48) المصدر نفسه، المجلد 21، ص. 70.

(49) المصدر نفسه، المجلد 21، ص. 67،68.

(50) الحلل الموشية، ص. 160؛ مخطوط رونق التحبير، الورقة 78.

(51) مجلة المعهد المصري، المجلد 21، ص. 22.

(52) صص. 27، 94.مجلة التاريخ العربي العدد 3 صيف 1997 م

 

مجلة التاريخ العربي العدد 3 صيف 1997 م

وصايا و توقيعات أندلسية من خلال مخطوط

 

وصايا وتوقيعات أندلسية من خلال مخطوط"رونق التحبير في حكم السياسة والتدبير"

تأليف: أبو القاسم محمد بن أبي العلاء بن سماك العاملي

تقديم: الدكتورة نجاة المريني

كلية الآداب - الرباط

 

المؤلف:

هو الكاتب أبو القاسم بن أبي العلاء بن محمد بن محمد بن سماك العاملي المالقي، من أسرة اشتهر أبناؤها بتبحرهم في العلم والأدب والشعر، وباشتغالهم بالسياسة والقضاء ...ترجم للمؤلف ابن الخطيب في كتابه الكتيبة الكامنة، فقال: "من كتاب الدولة، فاضل نجيب، ولدواعي المجادة والإجادة مجيب، ونوارة مرعى خصيب، وفائز من سهام الإدراك بنصيب، خصاله بارعة، ونصاله شارعة، وشمائله إلى نداء الفضائل مسارعة، على حداثة يندر معها الكمال، وتستظرف الأعمال، فإن انفسح مداه، بلغت السماك يداه"(1) .

وينبه الدكتور محمود علي مكي إلى أن "السطور القليلة التي كتبها ابن الخطيب عن ابن سماك هي كل ما نتوفر عليه من معلومات وحيدة حول مؤلفنا وحياته، ويستفاد منها أنه كان يعمل بديوان الإنشاء الذي كان يعمل فيه أبو العلاء، وأنه كان وفيا لشيخه ابن الخطيب، فلم يتنكر له، ولمن يسع في إذايته كما فعل غيره كالبناهي وابن زمرك"(2) .

ويحتمل من خلال الترجمة التي أوردها ابن الخطيب لأبي القاسم ابن سماك في الكتيبة الكامنة أنه ولد سنة وفاة أبيه أبي العلاء سنة 750 هـ أو قبلها بقليل سنة 748هـ، وفي هذه النقطة يقول الدكتور مكي: "وأهم ما نستفيده من الترجمة أن ابن سماك كان من كتاب ديوان الإنشاء، إلا أنه كان صغير السن، حديث عهد بتولي منصب الكتابة، يدل على ذلك الأسلوب الأبوي الذي يتحدث به المؤلف عما توسم فيه من مخايل النجابة، وعما يتنبأ به إذا امتد به حبل العمر، فإشارته إلى الحداثة، وتعبيره عنها بأنه "نوارة مرعى خصيب" تدل دلالة واضحة على أن أبا القاسم كان آنذاك في ريعان الشباب، ونحن نتصور أن ابن سماك كان آنذاك في سن تتراوح بين العشرين والثلاثين، مما نرجح معه أن يكون مولده في نحو منتصف القرن نحوا من عشر سنوات، وأن عمره كان حينما كتب ابن الخطيب ترجمته في الكتبية، ما بين الخامسة والعشرين والثلاثين"(3) .

أما سنة وفاته، فلا نعرف عنها شيئا بالتدقيق، إلا أننا نستطيع أن نستخلص من مقدمة كتابه رونق التحبير الذي أهداه إلى الخليفة المستعين بالله المتوفي سنة 810هـ، ومن مدحه للسلطان يوسف الثالث المتوفى سنة 820هـ، أن وفاته كانت بعد تولية السلطان يوسف الثالث الحكم بين (812هـ) و(820هـ).

وقد عاصر ابن سماك جماعة من الملوك النصريين، واحتك بثلاثة منهم وأهداهم مؤلفات وصلت إلينا وهم :

-محمد الخامس الغني بالله المتوفى سنة 793هـ، وأهداه ابن سماك مؤلفيه: "الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية"(4) ، و"الزهرات المنثورة في نكت الأخبار المأثورة"(5)

- محمد الخامس الغني بالله المتوفى سنة (810هـ): أهداه المؤلف كتابه رونق التحبير في حكم السياسة والتدبير(6)

- السلطان يوسف الثالث المتوفى سنة (820هـ): وامتدحه المؤلف بقصيدتين ابن فركون في ديوان مظهر النور(7) والقصيدة الثالثة في الكتيبة الكامنة(8) .

ويشير الدكتور محمد بن شريفة في تقديمه لديوان ابن فركون مظهر النور(9) ، أن الشاعر ابن سماك "هو الوحيد الذي شفع التهنئة بالتعزية في قوله:

فـقــل جـذلا بـــه أهـلا وسهـلا // ولا تــأســف عـلى إلـفٍ

يستنتج من هذا، أن ابن سماك، وإن كانت سنة وفاته غير معروفة بالضبط، فقد عاش فترة حياته في عهد السلطان يوسف الثالث، وكانت وفاته كما سبقت الإشارة إلى ذلك بين سنتي 812هـ، 820هـ، أو بعدها بقليل.

كتاب "رونق التحبير في حكم السياسة والتدبير":من المؤلفات التي اهتمت بالسياسة والسياسيين في العصر النصري، ألفه أبو القاسم محمد بن أبي العلاء بن سماك العاملي للسلطان النصري محمد المستعين (ت 810هـ)، وهو ما يزال مخطوطا، اطلعت على ثلاث نسخ منه، الأولى خاصة، والثانية محفوظة بقسم الوثائق والمخطوطات بالرباط تحت رقم 1182د، والثالثة محفوظة أيضا بقسم الوثائق والمخطوطات ضمن مجموع تحت رقم 1121ك، وهي غير مفهرسة.وكما يذكر المؤلف في مقدمة كتابه فقد: "رفع فيه الموضوعات والمصنفات في الفنون المختلفات، وجمع العبد الآن في هذا الموضوع من السياسات المستحسنة ما استفاده ببابهم الكريم منذ ثلاث وثلاثين سنة، اتصل إلي معرفة ذلك بالحنكة والتجريب، والممارسة والتدريب، فلخص معانيه، وقرب أبوابه أحسن التقريب، ليخف النظر فيه على من تأمله، ويلقي قوانينه مستوفاة بلغت عدتها إلى الأربعين، ورفعه العبد إلي خزانة مولانا الخليفة المستعين، وكل ما فيه إنما هو بعض ما عند مولانا أيده الله من العلوم والمعارف".

يتناول من خلال أبوابه الأربعين أحوال الملوك وهيئاتهم وأخلاقهم وصفاتهم، وأحوال الوزراء والكتاب والسفراء والقواد والعساكر والجنود، وسياسة الحروب وتدبيرها، وفي المنادمة والندماء، وفي مسايرة الملوك في مختلف أحوالهم وظروفهم، وغير ذلك.والكتاب مليء بالأخبار والمرويات، والنصائح والعظات، والوصايا والأحكام في حسن السياسة والتدبير، وبعد النظر والتفكير، مستفيدا من التاريخ، "وأيام الناس وسير الملوك وأخبار المتقدمين من الأمم الماضية، والأجيال الخالية والسياسات المأثورة"(10) .

وأعتقد أن هذا المؤلف يندرج في إطار مؤلفه "الزهرات المنثورة في نكت الأخبار المأثورة"، الذي وصفه الدكتور محمود علي مكي بقوله: "إنه مجموعة من الأخبار والطرائف والمواعظ مما قصد به المؤلف إلى تقديم مادة لتثقيف المتأدبين من الأمراء وأبناء السلاطين، مادة يودعها المؤلف خلاصة لقراءاته في كتب الأدب التي تضم أطرافا من كل فن، ويبدو الهدف التربوي التهذيبي بشكل خاص في الزهرات الأولى التي تدور حول السلطان وسياسة الرعية وواجبات الحاكم والمحكومين"(11) .

ويرى الدكتور مكي أن هذا النوع من التأليف "يستهدف ما يمكن تسميته بالتربية السياسية، من ذلك "اللؤلؤة في السلطان" من العقد الفريد لابن عبد ربه القرطبي (ت 328هـ)، و"سراج الملوك" لأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي (ت 520هـ)، ورسالة ابن الخطيب في "السياسة" التي كتبها في صورة مقامه(12) .

وكتاب "عين الأدب والسياسة، وزين الحسب والرئاسة" لأبي الحسن علي بن عبد الرحمن بن هذيل الغرناطي(13) (ت؟)"(14) .

ولعل ابن سماك في مؤلفه "رونق التحبير" قد استفاد من المؤلفات المختلفة التي تناولت السياسة وأهوالها، وطبائع الملك وأخبار الملوك، وخبر بنفسه باعتباره ملحقا بديوان الإنشاء، أحوال الأمراء والملوك في الرخاء والشدة، فعمد إلى تأليف كتاب يتضمن خلاصة تجاربه وقراءاته في الكتب المختلفة التي تناولت السلطان والرعية وواجبات الحاكم والمحكومين، مستفيدا مما كتبه ابن عبد ربه عن عمل الكتاب: "فكتاب الملوك عيونهم الناظرة، وآذانهم الواعية، وألسنتهم الناطقة، والكتابة أشرف مراتب الدنيا بعد الخلافة، وهي صناعة جليلة تحتاج إلى آلات كثيرة"(15) .

وإذا كان ابن سماك قد استغرق في تأليف كتابه وجمع مادته أكثر من ثلاث وثلاثين سنة، هي مدة خدمته - على ما يبدو - في ديوان الإنشاء، فإن حذره، وهو يخاطب الأمير أثناء التقديم واضح في قوله: "وكل ما فيه، إنما هو بعض مما عند مولانا أيده الله من العلوم والمعارف، ومما جبله الله عليه من طباع الخلائف، ومما لديه من الإطلاع على أخبار من تقدم في الزمن السالف، فهو - أعلى الله مقامه وأدام للأمة المحمدية أيامه - الملك الذي استولى على صفة الكمال واختص بحلَى الحسن والجمال، والله تعالى يزيده من فضله وإحسانه، ويخلد رفيع سلطانه، ويديم أيامه التي هي أيام العز والهدنة والأمان والعافية، ويبقيه في ظل النعمة الشاملة والعصمة الكافية بفضله وكرمه"(16) .

ويظهر أن الدكتور محمد بن شريفة أول من استفاد من مخطوط "رونق التحبير"، وأشار إليه في العرض الذي قدمه في ندوة "المخطوط العربي وعلم المخطوطات"(17) ، عندما تحدث عن خط الجزم، وهو الخط الكوفي، كما تحدث بن شريفة عن هذا المخطوط في بحث نشر له مؤخرا عنوانه: "ظاهرة التأليف في السياسة في العصر المريني: البواعث والمعطيات"(18) ، باعتبار هذا الكتاب من الكتب السياسية المؤلفة في العصر المريني.

وأخيرا، فقد علمت، أن الدكتور علي سامي النشار كان قد أعد هذا المخطوط للنشر بعد تحقيقه، لكن المنية عاجلته قبل تحقيق ذلك ... وأتناول في هذا الموضوع تقديما وتحليلا بابين من أبواب كتاب "رونق التحبير" هما: باب الوصايا، وباب التوقيعات.

باب الوصايا:

تناول ابن سماك في البابين الأخيرين من مؤلفه رونق التحبير الوصايا والتوقيعات، باعتبارهما موضوعين هامين يصدران عن الحاكم، ويرسمان معالم سياسته للأمير والوالي، وكل من ارتبط بسبب بالحكم والحاكم والمحكوم، فلم يبخل ابن سماك بتدوين هذه الوصايا والتوقيعات وتقديمها كمختارات لقراءته، ومقتطفات من محفوظاته للتوجيه والإرشاد والنصح والعظة، سواء صدرت هذه المختارات والمقتطفات عن كتاب وأدباء، أو ملوك وأمراء، أو حكام وعلماء، وغيرهم ممن اقتضى الموضوع تقديم تجاربهم السياسية، وتوجيهاتهم السلطانية في فترات عديدة شملت عهود الفرس واليونان، وعصور صدر الإسلام والخلفاء الراشدين وعصور بني أمية في الشرق والأندلس، وكذا عصر بني العباس إلى زمان المؤلف.

وللوصايا - كما يشير الأستاذ علي الغزيوي - "أهمية بالغة، باعتبارها وثائق حية يقدم فيها السابق للاحق خلاصة تجاربه، ويرسم له السبل السليمة التي يسلكها"(19) ، فإن ابن سماك كان يقصد إلى التوجيه والنصح.

تنتظم الوصايا في الباب التاسع والثلاثين من مؤلفه، ويبلغ عددها اثنتي عشرة وصية موزعة كالآتي:

1 - وصية أردشير لابنه وأهل مملكته، ص. 74

2 - وصية أبرويز إلى رعيته، ص. 75

3 - وصية سابور إلى ابنه، ص. 75

4 - وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى يزيد بن أبي سفيان، ص.75

5 - وصية سالم لعمر بن عبد العزيز، ص. 75

6 - وصية عبد الملك بن مروان لبنيه، ص. 76

7 - وصية هشام بن عبد الملك لبنيه ص. 76

8 - وصية عمر بن هبيرة لمسلم بن سعيد لما تولى أمر خراسان، ص. 76

9 - وصية رجل لأبي جعفر المنصور، ص. 76

10 - وصية الحكم بن هشام لابنه عبد الرحمان لما فوض إليه الأمر، ص.76

11 - وصية المنصور بن أبي عامر لابنه المظفر عبد الملك، ص. 77

12 - وصية الخليفة أبي يوسف يعقوب المنصور ابن الخليفة أبي يعقوب يوسف ابن الخليفة عبد المومن بن علي لبنيه الموحدين، ص. 77.

لقد قدم ابن سماك مجموعة من الوصايا من عهود مختلفة، وسيخص الأندلسيين بثلاث وصايا، اثنتان لحاكمين أندلسيين هما الحكم بن هشام، والمنصور بن أبي عامر، والثالثة لحاكم موحدي هو أبو يوسف يعقوب المنصور.

الوصية الأولى:

وهي وصية الحكم بن هشام لابنه عبد الرحمان لما فوض إليه الأمر، وقد أوردها ابن سماك كذلك في الزهرة الثالثة والتسعين من كتابه "الزهرات المنثورة" الذي حققه وقدم له - كما سبقت الإشارة - الدكتور محمود علي مكي، باعتبار الوصية "وثيقة على أعظم جانب من القيمة والخطر، إذ هي أشبه بدستور للحكم وضعه الأمير الحكم لابنه عبد الرحمان"(20) .

ويشير المحقق إلى أن "المؤرخ الوحيد الذي أشار إلى وجود هذه الوصية، هو الأستاذ محمد عبد الله عنان في كتابه "دولة الإسلام في الأندلس"، وقد نقل الأستاذ عنان هذه الوصية عن مخطوطة "المقتبس" لابن حبان، القطعة الخاصة بإمارتي الحكم وعبد الرحمان، وهي قطعة كانت لدى المستشرق ليفي بروفنسال، ولم يعرف عنها شيء بعد وفاته، ويخشى أن تكون هذه القطعة الثمينة قد ضاعت إلى غير رجعة"(22) .وقد أثبت هذه الوصية ، الأستاذ لغزيوي في الفصل الخاص بالوصايا من كتابه "أدب السياسة والحرب في الأندلس"(23) ، نقلا عن الأستاذ عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس. تشتمل الوصية موضوعات مختلفة في السياسة وطرائق الحكم، صدرت عن أمير مارس السياسة بحذق وذكاء وحسن تدبير، ولخص تجربته السياسية في عبارات قليلة تحمل معاني كثيرة، وفي أسلوب برع في تنميقه وتبسيطه في نفس الوقت بلغة راقية مشرقة.

تكاد تكون الوصية قانونا يجب الالتزام له، والعمل بمقتضاه كي لا تضيع السلطة من يد الأمير، ويستبد بها غيره، ويتمثل هذا القانون في: " أولى الأمور بك أن ينهى إليك حفظ أهلك، ومراعاة عشيرتك، ثم الذين يلونهم، ومواليك هم أولياؤك حقا، وأنصارك صدقا، وعاشروك في حلوك ومرك، فيهم أنزل ثقتك، وإياهم واس من نعمتك، ولا تدعن مجازاة المحسن بإحسانه، ومعاقبة المسيء بإساءته، فإنك عند التزامك بهذين، ووضعك لهما في مواضعهما يرغب فيك ويرهب منك، وملاك ذلك كله أن تتقي الله ما استطعت، وتعدل في أحكامك، وتتخير من حكامك"(24) .

ولعل أهم بنود هذا القانون:

التقوى والعدل، وحسن اختيار الحكام أي الولاة والعمال...

الوصية الثانية:

وهي للمنصور بن أبي عامر، يوصي ابنه المظفر عبد الملك لما اشتد به مرضه الذي مات منه، وقد أثبتها الأستاذ لغزيوي أيضا في مؤلفه(25) ، بعد أن نقلها عن ابن بسام في ذخيرته(26) إلا أن ابن سماك اختصر هذه الوصية، ولم يورد الجزء الثاني منها، حيث يعرض لعلاقة عبد الملك بالخليفة الأموي هشام بن الحكم وكذا لأنصار الأمويين، محذرا منهم حينا، داعيا إلى الحزم في معاملتهم حينا آخر، موصيا غلمان الأمير في الأخير بالعمل إلى جانبه والتقيد بأوامره ونواهيه، فهو يقول لهم: "تنبهوا لأمركم، واحفظوا نعمة الله عليكم في طاعة عبد الملك أخيكم ومولاكم، ... فليس يرأسكم بعدي أشفق من ولدي، وملاك أمركم أن تنسوا الأحقاد، وأن تكون جماعتكم كرجل واحد، فإنه لا يفل فيكم"(27) . تكاد تكون هذه الوصية كسابقتها زبدة تجارب عاشها المنصور ابن أبي عامر، استحكم فيها العقل والروية، فتحدث عن الأمن والاستقرار، وعن الظروف الاقتصادية والعسكرية، وعن الأحوال المعيشية للرعية والعشيرة، فاختلال أي جانب من هذه الجوانب قد يؤدي إلى ضعف الحكم وانهيار دولته، ويوصيه أخيرا، ويشدد في الوصاية بأهله ومواليه قائلا: "لا تضيع أمر جميعهم، والحظهم بعيني، فإنك أبوهم بعدي".

ولا يخفى أن هذه الوصية صدرت عن داهية في السياسة والحكم، فبعد أن وطد لابنه أمر الدولة، وأرسى قواعدها يوصيه بالحفاظ عليها، باتباع التوجيهات، وانتهاج السبل الأقرب إلى الاستئثار بالسلطة والحفاظ عليها في الفكر والسلوك، وأهمها النهي عن الإسراف في الإنفاق والقصد في الأمور، يقول: "فلا تطلق يدك في الإنفاق، ولا تغض لطمة الولاية، فيختل أمرك سريعا، وكل سرف راجع إلى الاختلال لا محالة، فاقتصد في أمر جهدك، واستثبت فيما يرفعه أهل السعاية إليك، والرعية قد استقضت لك تقويمها، وأعظم مناها أن تأمن الباردة"(28) .

الوصية الثالثة:

وصدرت عن الخليفة أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي يوصي بنيه وأهل دولته بالعدوة وأبنائها وثغورها، ويدعوهم إلى جهاد الأعداء، والتمسك بشرائع الدين والعمل بمناهجه.لقد شغلت الأندلس المغاربة، وأرقتهم في حياتهم، وفي لحظات احتضارهم، فما آلت إليه من ضعف بعد قوة، ومن هزيمة بعد نصر، أكبر هم ينغص استقرارهم وتفكيرهم، فهو يقول: « ولتعلموا أنه ليس في نفوسنا شيء أعظم من همها »(29) .لقد استأثرت العدوة بفكر الموحدين، فدافعوا عنها، وانتصروا لها، مؤملين استرجاع ما استلبه النصارى من ديارهم، ويشهد الخليفة أبو يوسف يعقوب، الله على ما بذله من جهود ف ي سبيل ذلك، فهو يقول: "ولو مد الله لنا في الحياة لم نتوان في جهاد كفارها حتى نعيدها دار إيمان "، فهي الآن - أي الأندلس - وديعة في أيدي المغاربة، عليهم الحفاظ عليها، بحمايتها من هجمات الكفار بتشييد الأسوار وحماية الثغور وتربية الأجناد. 

 

bottom of page