top of page

 

ولكن لماذا تعتبر الوثائق التي وجدت في منازل أهل الصعيد مجهولة لأهل مكة؟ هذا مايجيب عليه ضياء قللي العنقاوي الباحث التاريخي الذي يقوم بتحليلها ليترك بين أيادينا الكثير من الوثائق لمحكمة مكة المكرمة المفقودة. يقول ضياء لـ"بوابة الأهرام" محكمة مكة المكرمة مفقودة من عام 1216 هجريا لأسباب مجهولة حتى للباحثين التاريخيين في المملكة العربية السعودية مشيرا إلي أن الاحتمالات واردة مابين احتراقها أو تهدمها نتيجة السيول الدائمة أو بين تهريب وثائقها عبر أياد مجهولة تبقي احتمالات واردة وان كانت غير يقينية.

ويضيف قللي: تبقي وثائق محافظة قنا عن مكة المكرمة هي الباقية الوحيدة في العالم ومجيئها تم عبر تداول قانوني ومراسلات بين محكمة قنا الشرعية التي كان المنوط بها الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة مكة المكرمة للأشخاص الذين يمتلكون أراضي في قنا مشيرا أيضا أن محكمة قنا التي قام الوريث بهدمها وبناء عمارة خراسانية بدلا منها منذ سنوات وثائقها تلفت وبيعت ولم يتبق من هذه الوثائق إلا شواهد على نظام قضائي كان يتواجد في العالم الإسلامي لإرساء قيم العدل. وماذا تحمل الوثائق من عالم غريب؟ يجزم الباحث التاريخي أن لغة الوثيقة في محكمة قنا مغايرة للغة الوثيقة في محكمة مكة فالوثيقة في محكمة مكة تكون لغتها دائما هكذا "حجة صدرت من محكمة مكة المشرقة البهية لازالت آمنة محروسة بين يدي سيدنا ومولانا فخر فقهاء الإسلام شريف إسماعيل الحاكم الشرعي الحنفي الموقع خطه وختمه أعلاه تنصيب مولانا راجح وكيلا مفوض على مايخصهم من طين وغير من دعوي للقراريط التي لأهل الحجاز الذي في الصعيد وهي بنواحي قنا".

ويضيف ضياء: في محكمة قنا المنوط بها تنفيذ الأمر تكون لغتها معبرة عن القاطنين وقتها في قنا حيث تذكر الوثائق أسماء ولاة الإقليم والشهود القادمين من أودية مكة وأغلبهم من وادي فاطمة وعلى التعاملات المالية المتنوعة غالبا مابين الريالات الذهبية والدنانير الفضية مشيرا أن لغة الوثائق تدل على روح العصر وعلى أسماء الأمكنة والبلاد وما يتواجد من نظم معرفية وأسلوب قضائي متبع. وفي عالم وثائق مكة المجهولة عالم آخر لا أحد يستطيع أن يكمله إلا بالذهاب إلى قنا هكذا يجزم الباحث الذي يقدم لنا تلك الوثيقة لثورة أشراف مكة وقنا من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنه على ظلم الدولة المملوكية التي أرادت الاستيلاء على أراضيهم في قنا فكان مؤتمر مكة وقنا للذهاب إلى اسطنبول في مقر الخلافة الإسلامية ثم تنفيذ محكمة قنا الشرعية لفرمان الخليفة العثماني.

يضع ضياء القللي الوثيقة بين أيدينا وهي مكتوبة عام 1293هـ حيث قالت وثيقة محكمة قنا الشرعية أن الخليفة ألزم حضور شيخ الجامع الأزهر ومعه مفتى الديار وأمراء المماليك ومنهم إبراهيم بك لمحافظة قنا للتوقيع على وثيقة عدم التعرض لأشراف مكة في أراضيهم بمحافظة قنا. ويتحدث الباحث عن عوالم مكة الموجودة في وثائق قنا قائلا إنها عوالم تقيم تاريخا مغايرا للمتعارف عليه مشيرا، أن هناك مئات الوثائق حرقت ونهبت وتم إتلافها بقصد أو عمد في الصعيد ولو كانت هذه الوثائق موجودة لأظهرت التدرج التاريخي لمكة عبر العصور مشيرا إن وثائق محكمة مكة انتهت فعليا حين فشلت ثورة الأشراف على الباشا محمد علي لتنتهي الوثائق تدريجيا حتى الوصول إلى عهد الخديوي إسماعيل الذي ألزم أشراف مكة بالإقامة في الصعيد لصرف مستحقات تعرف حتى الآن بـ"فلوس البلد" مشيرا إلي أنه من هنا انتهت فاعلية محكمة مكة المكرمة ومن ثم انتهت محكمة قنا الشرعية لتبقى هذه الوثائق فقط هي الشاهد على عالم مكة في محافظة قنا.

 

 

قنا - محمود الدسوقي

بوابة جريدة الأهرام

5-11-2011 |

 

وثائق مجهولة عن محكمة مكة المكرمة يكشفها باحث في قنا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

"أهل مكة أدري بشعابها" مثل تراثي قديم لكن وثائق مجهولة تتواجد في محافظة قنا تطرح سؤالا عن المثل لتؤكد أن أهل قنا قد يكونون أدري بشعاب مكة أو بمحكمتها التي توجد بعض وثائقها في محافظة قنا. الوثائق التى تحمل الكثير من التوقيعات التي قام أهالي مكة بالإمضاء في أوراقها التي يعود عمرها حاليا إلي أكثر من 400 عام هي شواهد تدل على عالم مكة المكرمة بداية من الجغرافيا والتاريخ ومرورا بالمظهر الاجتماعي ونهاية بالعوالم الاقتصادية.

bottom of page